من الماضي_قصة ال 150 ديناراً والجامعة والحكومة الأردنية 1998

أتذكّر أنّ صندوق إقراض الطلبة في الجامعة الأردنية ومن خلفه ديوان المحاسبة صدّعو رأسي ورؤوس كُفلائي لأنني استدنتُ من الصندوق مبلغاً كبيراً جدّاً أيّام دراستي في الجامعة نهاية تسعينيات القرن الماضي (1995-1999). المُهم هو أنّ المبلغ لا يتعدى مئة وخمسون ديناراً فقط لا غير (150). علماً بأنني عانيتُ كثيراً وتمرمرتُ حتى قبل صندوق إقراض الطلبة اقراضي هذا المبلغ. وحاولت في السنوات اللاحقة الإستقراض من الصندوق ولكنهم رفضوا وقال لي بأنّه يحق لي مرّة واحدة فقط. علماً بأنّهم كانوا يكذبون.
والحال هذه، لم أكن أشعر بالإنتماء للجامعة لإنّها لم تكن تقف إلى جانب الطالب، كانت هنالك هوّة بين جميع مكوناتها وعناصرها وموظفيها. بالنسبة لهم، الطالب البقرة الحلوب والرسوم الدراسية أهم، والدراسة موضوع فيه نظر وثانوي.

المهم هو أنّ مهمة إحضار الكفلاء كانت صعبة فمن الكفلاء كان الوالد رحمه الله والكفيل الثاني هو خالي، الذي تردد وقبل بالكفالة على مضض، المهم حتى أخي لم يقبل بكفالتي.

ووقعتُ على كمبيالات في مبنى رئاسة الجامعة. وكان القرض أصلاً لسداد جزء من رسوم الفصل الدراسي عام 1998. المهم هو أنني عانيتُ حتى حصلتُ على هذا القرض 150 دينارالذي لم أقبض منه أي فلس لأنه ذهب مباشرة لسداد رسوم الفصل الدراسي.

بعد تخرّجي من الجامعة ، بدأت مطالبات الحكومة بإتصالات متكررة ولا تتوقف على الكفلاء وكان هؤلاء يتصلون بي لدفع المبلغ.
في أحد المرّات، أراد الوالد الإستقراض ورهن المنزل أو لا أتذكر بالضبط فقد كان يُريد إفراز المنزل المشاع، ولكن تفاجأنا بأنّ الحكومة قد فرضت وصايتها على المنزل ولا بُدّ من فك الرهن للتصرف بالعقار.

فصول من المعاناة وقصة طويلة ومنغصات كلها بسبب 150 دينار.

ولكن اليوم أجد أن هنالك من يدينون لخزينة الدولة بمئات الألآف بين قروض ومنح خارجية ولا أجد الحكومة وديوان المحاسبة يحركون ساكن أمام سرقة أموال الخزينة. لأن السارقون والمتنعمون بالمال العام أبناء ذوات وأبناء عشائر متنفذة ... كفانا تباكي على الأوطان فنحنُ أبعد ما نكون عن الحس الوطني والمصلحة الخاصة تتقدم على كل شيء آخر.
المهم هو أنّني تجرعتُ الحنظل على يد حكومتنا بسبب 150 دينار وأنا طالب وكان المبلغ جزء من رسوم الجامعة فقط ولم أصرفه على ترف وبذخ لي.

منكم من قد يقول أن المبلغ كبير في ذلك الوقت نهاية التسعينيات، وأقول: لا . لم يكن كذلك على الإطلاق.

خلدون القيسي يناير 2017

Comments

Popular posts from this blog

العنصرية والتمييز حقيقتان تحتاجان الدراسة ٌRacism and Discrmination, Two Facts in Need for Study