التوجيهي


مرة أخرى يطل التوجيهي برأسه ويحمل معه "الرعب والقلق" لكثير من العائلات وأبناءهم. هذ هو ملخص مقال مهم لإحدى الصحف الأردنية الصادرة اليوم، نعم مرة تلو الأخرى نتحدث عن التوجيهي وأهواله كما يتصورها البعض.

كاتب المقال يروي معاناة الأهالي والطلبة معاً ويصوّر الأمر وكأن وزارة التربية والتعليم تتعمد إشاعة القلق والرعب من الإمتحان وقبله وبعده أي قبل إعلان النتائج. والحقيقة أنّ الوزارة لا دخل لها بالحالة النفسية للطبة وأولياء أمورهم لأن نظام التوجيهي معمول به في كثير من دول العالم ، ولكن التهويل والعويل مصدره الطالب نفسه وأهله . لماذا؟ لأنه ينظر إلى النتيجة ولا يعر أي إهتمام يُذكر للمادة العلمية ولسلامة فهمه وجهده. ولأن الطالب الجاد لا يهمه الإمتحان وساعته ولا يمكن أن يهان عند الإمتحان لأنّه بكل بساطة درسّ جيداً وفهمَ الدرس والمادة فلا خوف ولا قلق وهو مطمئن لأنه يعتبر بأنه حتى لو لم ينجح في الإمتحان أو حصّل معدلاً دون الطموح فإنه في النهاية أدّى كل ما عليه ودرس بكل طاقته واجتهاده.

أما أولئك الذين يطبلون ويزمرون و يضخمون من التوجيهي ويرعبون الآخرين به دون سبب يذكر هم لا يثقون بأنفسهم ولا بأبناءهم ولا بالنظام التعليمي الوطني وهم فاقدون للبوصلة اذا صحّ التعبير . والأمر الذي يدفعهم للتهويل وتضخيم الأمور قبل امتحانات التوجيهي وقبل نتائجه هو أنهم يريدون كل شيء جاهز وهم قاعدون، ويريدون لأبناءهم نيل شرف العلم والتعلم دون تعب ومعاناة وسهر وكد لأنهم على ما يبدو تربوا على الركون والدعة والواسطة المنتشرة كالنار في الهشيم في بلادي.

وقد يكون واحد من الأسباب التي تدفع الناس الى الإستمرار في عملية التهويل والقلق من التوجيهي هو تقصير الوزارة في توضيح المسألة للعموم وعدم الحزم في أمور الحصول على الشهادة لأن الوزارة تعلم أن الطالب المجتهد لا يجب عليه أن يقلق لأنه في النهاية أدّى ماعليه. لم نسمع الأهالي يشتكون من عمليات تصحيح الإمتحانات ... ونادرا ما يحدث ذلك.
إذن الخلل في وجهة نظرهم وأبناؤهم هو الإمتحان بحد ذاته وبذلك يثبت للعيان بأن حجتهم واهية ولا يمكنهم إقامة الدليل.

ولكني أقترح بأن تقوم الوزارة بإعطاء عدة فرص لمن لا يحالفه الحظ للتقدم للإمتحان ... وهذا ما تقوم به الوزارة بالفعل خلال العقد المنصرم. اذ لا يمكن أن يكون العلم حصرا لفئة معينة  من الناس.
لقد ذهب الكاتب الى اعتبار أن التوجيهي لم يعد موسما للإمتحانات بل هو مرض نفسي اسمه "القلق والتوتر". وإنني أربىء بنفسي عن هذا الكاتب وتلك الصحيفة التي تتبنى وجهة نظر فوضوية وغير مدروسة وأقل ما يقال عنها هو أنها غير قائمة على حقائق وهي ساذجة وسطحية للغاية. نعم التوجيهي أصبح مرضا على من يريد أن يرقى الى العلا والدرجات العلمية بدون جهد وتفان ... وما أكثر هؤلاء الذين وصلوا وما هم بأهل للوصول لأنهم مدعومون من الذوات ومن المسؤولين في الدولة (واسطة) .
وربما يكون التوجيهي هو المصفاة التي تساعد حتما على فلترة نوعية لطلاب الجامعة وتعمل على استبعاد النوع الكسول والمتواكل وتقدم المجتهد والجاد. وبذلك يصطاد صانع القرار عصفورين بحجر واحد وهما الحفاظ على سمعة امتحان التوجيهي في الأردن من حيث الصرامة والموضوعية وثانيهما القضاء على ظاهرة العنف الجامعي التي تدك صروح جامعاتنا في كل مكان والتي يسببها "طلاب" فارغوا الرؤوس وهم ليسوا بطلاب للعلم بل طلاب للفتن والتدابر والتناحر بين أفراد المجتمع الواحد.

خلدون عبد النبي

Comments

Popular posts from this blog

العنصرية والتمييز حقيقتان تحتاجان الدراسة ٌRacism and Discrmination, Two Facts in Need for Study