الوسطية اتجاه أطراف الصراع في سورية




نعلم علم اليقين أنّ الصراع الدائر في سورية يدور رحاه بين أطراف عديدة من جملتها أطراف دولية وعربية بالإضافة إلى النظام السوري وعدد من الشعب السوري الذي انتفض على هذا النظام. وما يهمني هنا هو الأطراف العربية – السورية في سورية وأبرز الدول العربية التي تقود الحرب ضد نظام الأسد هي دول الخليج عامة والمملكة العربية السعودية وقطر على وجه الخصوص.
في معرض الحديث عن دول الخليج العربي، علينا أن لا ننُكر أهمية السعودية وقطر ومواقفهم المشرفة في القضايا العربية المختلفة، على كثرتها، وكذلك يجب أن لا نرجم النظام السوري والجيش السوري حتى الموت. 

لكنّ السؤال الذي يطرح نفسهُ بقوة: هو لماذا لا تكون مواقفنا في حياتنا متوازنة ووسطية ومعتدلة بقدر الإمكان؟ لماذا عندما نختصم مع الآخر ، فإننا ننسى أهمية هذا الآخر لنا في الماضي وكيف كان سنداً وعوناً لنا في مواقف كثيرة؟

التطرف تجاه الآخر أمرٌ خطيرٌ، ويدلُّ على غياب المرؤة والحنكة والأخلاق على من يتبنى مواقف متطرفة وشديدة التطرف ويتنكّر للماضي الذين كان فيه عدو اليوم المُفترض هو صديق الأمس بلا شك. والذي يجب أن يؤاخذ على أخطاءه ويُنصح، لا أن يُرجم ويُقاطع حتى الموت. 

إنّ الإعتدال تجاه وإنصاف العدو المفترض هو من شيم الكرام والإنسان الشهم.

جميع الأطراف العربية المُبتلاة بالصراع السوري هي صديقة وشقيقة وعلينا أن نتبنى مواقف معتدلة منها.

النظام السوري له حسنات وصنائع جميلة وفضائل وخصال يجب أن نذكرها فيه حتى وإن كُنّا لا نتفق معه اليوم.

وينطبق ذات الأمر على المملكة العربية السعودية خاصة ودول الخليج عامة، السعودية أعطت بسخاء وساهمت في بناء كثير من الدول العربية دون أن تنتظر المقابل. وإن اختلفنا معها فإنه يجب ذكر فضائلها . ويجب على محاسن المرء أن تشفع لأخطائه سواءً اليوم أم غداً.

والحالة هذه، لم يغب من ذاكرتنا أن جميع الأطراف أعلاه تحالفت ضد نظام صدام حسين إبّان حرب الخليج الثانية، واليوم نجدهم على خلاف عميق ومصيري لجميعهم. التحالف المشؤوم الذي تم كان لا يجب أن يتم ضد دولة عربية حتى وإن أخطأ قائدها في تقديراته. لقد فتح احتلال العراق الذي مهدَ له تواطوء الدول العربية أعلاه في السماح للغرب بفرض العقوبات والتجويع والحصار ومن ثم توج ذلك كله بإحتلال العراق وإزاحة حكومته القوية، الأمر الذي جعل العراق لبنة ضعيفة في جدار الأمة العربية والتي بسببها بدأت الدول العربية بالتصارع وفُتح الباب واسعاً لإيران للهيمنة والتصرف كما يحلو لها في الدول العربية عامةً ودول الخليج خاصةً بسبب القرب الجغرافي.

غلطة التخلي عن العراق وتركه يواجه مصيره وحده ندفع ثمنها اليوم جميعاً.

بقي أن نقول بأنّه يجب أن نحافظ على مسافة متساوية بين جميع أطراف الصراع في سوريا ولا ننس أن جميعهم أصدقاء وأشقاء لنا كانوا ولا زالوا.

بقلم 
خلدون عبد النبي القيسي
6 تشرين الأول أكتوبر 2016

Comments

Popular posts from this blog

العنصرية والتمييز حقيقتان تحتاجان الدراسة ٌRacism and Discrmination, Two Facts in Need for Study